أهم عناصر الدولة: وجود حكومة وطنية تمتلك القدرة المادية الجبرية والإرادة السياسية الماضية، على فرض سيادتها، داخلياً وخارجياً. من أهم وظائف الحكومة الوطنية، سن القوانين وتوفر الإرادة وموارد القوة القهرية، لإنفاذ القانون. وتكتمل شرعية أية حكومة وطنية، بأن تكون: دولة قانون، بجعل الجميع سواسية أمام القانون، فلا أحد فوق القانون، ولا أحد يتمتع بحصانة ضد القانون، إلا التي يوفرها القانون نفسه، ولا تكون لأشخاص بعينهم، بل لمناصب يقتضي القيام بمسؤولياتها تمتع من يضطلع بمهامها بتلك الحصانات.
ممارسة السلطة (الحكم)، تبدأ بتوفر القدرة والإرادة لسن وإنفاذ القانون. من يُجبرُ الناس على طاعة قانونه، يكون هو الحاكم، بغض النظر عن مرجعية شرعيته السياسية. ففرض القانون وإنفاذه لا يخضعان لمعايير أخلاقية وغيبية، بقدر ما يعكسان القدرة والإرادة القهرية لسن القوانين وإجبار الآخرين على طاعتها. هذه هي الخاصية الأساسية للدولة القومية الحديثة، التي تختص مؤسساتها ورموزها السياسية بعملية سن القوانين وإنفاذها، لاحتكار الحكومة موارد القوة بكافة أشكالها، الناعمة والصلبة.
إلا أن الدول، تختلف في ما بينها، في مسألة القانون ومكانته السياسية والاجتماعية. أفضل الأنظمة السياسية، كما يقول جان جاك روسو (١٧١٢ – ١٧٧٨)، تلك التي يسود فيها القانون، الذي يستند إلى شرعية شعبية، تنبع من قناعة الإنسان نفسه، أنه: حين يطيع القانون، ليس خوفاً من العقاب، إنما اعتقاده أنه: يطيع القانون الذي ساهم هو في سَنه. بالتالي: القانون، في الدول الديمقراطية إنما هو نتاج لممارسة الحرية، ضماناً لحمايتها وصوناً لحقوق الناس، وليس أداة لتسلط الدولة وجبروتها.
لكن حتى هذا التحييد الضيق لسن القانون والتحفظ في آلية إنفاذه، بما لا يتجاوز حقوق الفرد وحرياته، لا يحظى بقبول عند الليبراليين المتطرفين. يعاني هؤلاء من حساسية مفرطة تجاه منطق وجود الحكومة والدولة، نفسه. هؤلاء يؤمنون: أن وجود الدولة، والحكومة على رأسها، أعظمُ خطرٍ ينال من حرية الفرد وحقوقه.. وأن الناس لو تركوا بلا دولة ولا حكومة، فإنهم أدعى للحفاظ على سلامهم الاجتماعي.. والحفاظ على حرياتهم وحقوقهم، ورعاية مصالحهم.
نظرية فوضوية، ما زال هناك من يؤمن بها، وإن لم يتوفر تاريخياً محاكاةٌ نظاميةٌ لها. جماعات مناهضة الدولة هذه موجودة في الدول الديمقراطية. في الولايات المتحدة، هناك جماعات منظمة، تعيش خارج التجمعات المدنية بعيداً عن الحواضر الكبرى، ولا تتواصل مع أجهزة الدولة ومظاهر المدنية إلا في أضيق الحدود.. وتسود بين أفرادها مرارةٌ شديدة وعداءٌ مقيت للدولة.
في الأزمة السياسية التي تعصف بالولايات المتحدة، هذه الأيام، بسبب فترة حكم الرئيس السابق دونالد ترمب ورفضه الاعتراف بهزيمته في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وتحريضه لمؤيديه الهجوم على الكونجرس لمنع تصديق مجلس الشيوخ على نتيجة تلك الانتخابات، مما تسبب في أحداثٍ دامية تُوجت باقتحام مبنى الكابيتول في السادس من يناير ٢٠٢١.
مجدداً تعالت أصوات مؤيدي الرئيس ترمب، بعد دخول عناصر من المباحث الفيدرالية (FBI) أحد قصور الرئيس ترمب في بالم بيتش فلوريدا، ضد قوى إنفاذ القانون وعناصر الأمن الوطني والنيابة العامة والقضاء، زاعمين أن تلك المؤسسات والرموز للدولة أضحت مجرد زُمر فاشية، كأجهزة القمع النازية (الجستابو). لم يتوقف الأمرُ عند هذا الخطاب الحاد ضد أجهزة إنفاذ القانون، والمطالبة بوقف تمويل أجهزة الأمن الفيدرالية، بل تجاوز إلى استهداف مؤسسات الأمن وعناصره والتهديد، باستخدام العنف، للانتقام منهم علناً.
ما يحدث، هذه الأيام، في الولايات المتحدة من اجتراءٍ على القانون واستخفافٍ بهيبة الدولة، خروج مناهضي الدولة من مرحلة الخطاب السياسي الحاد، إلى التحريض المكشوف على مؤسسات الدولة ورموز أجهزة إنفاذ القانون، لهو أمرٌ يثير القلق، ومؤشرٌ خطيرٌ لعدم استقرارٍ.
إطاعة القانون، قناعةً أو كَرهاً، من علامات استقرار المجتمعات. طاعة القانون هذه تعد سلوكاً يعكس أهم مواصفات الدولة القومية الحديثة. هذه المكانة الرفيعة للقانون، في المجتمعات الحديثة، هي الضمانة الحقيقية للحرية.. وصيانة الحقوق.. وتحقيق العدالة، وسيادة السلام الاجتماعي، بشرط توفر آليات فعالة لضمان عدم تجاوز أجهزة سن القانون وإنفاذه، مخالفةً للقانون، نفسه.
ممارسة السلطة (الحكم)، تبدأ بتوفر القدرة والإرادة لسن وإنفاذ القانون. من يُجبرُ الناس على طاعة قانونه، يكون هو الحاكم، بغض النظر عن مرجعية شرعيته السياسية. ففرض القانون وإنفاذه لا يخضعان لمعايير أخلاقية وغيبية، بقدر ما يعكسان القدرة والإرادة القهرية لسن القوانين وإجبار الآخرين على طاعتها. هذه هي الخاصية الأساسية للدولة القومية الحديثة، التي تختص مؤسساتها ورموزها السياسية بعملية سن القوانين وإنفاذها، لاحتكار الحكومة موارد القوة بكافة أشكالها، الناعمة والصلبة.
إلا أن الدول، تختلف في ما بينها، في مسألة القانون ومكانته السياسية والاجتماعية. أفضل الأنظمة السياسية، كما يقول جان جاك روسو (١٧١٢ – ١٧٧٨)، تلك التي يسود فيها القانون، الذي يستند إلى شرعية شعبية، تنبع من قناعة الإنسان نفسه، أنه: حين يطيع القانون، ليس خوفاً من العقاب، إنما اعتقاده أنه: يطيع القانون الذي ساهم هو في سَنه. بالتالي: القانون، في الدول الديمقراطية إنما هو نتاج لممارسة الحرية، ضماناً لحمايتها وصوناً لحقوق الناس، وليس أداة لتسلط الدولة وجبروتها.
لكن حتى هذا التحييد الضيق لسن القانون والتحفظ في آلية إنفاذه، بما لا يتجاوز حقوق الفرد وحرياته، لا يحظى بقبول عند الليبراليين المتطرفين. يعاني هؤلاء من حساسية مفرطة تجاه منطق وجود الحكومة والدولة، نفسه. هؤلاء يؤمنون: أن وجود الدولة، والحكومة على رأسها، أعظمُ خطرٍ ينال من حرية الفرد وحقوقه.. وأن الناس لو تركوا بلا دولة ولا حكومة، فإنهم أدعى للحفاظ على سلامهم الاجتماعي.. والحفاظ على حرياتهم وحقوقهم، ورعاية مصالحهم.
نظرية فوضوية، ما زال هناك من يؤمن بها، وإن لم يتوفر تاريخياً محاكاةٌ نظاميةٌ لها. جماعات مناهضة الدولة هذه موجودة في الدول الديمقراطية. في الولايات المتحدة، هناك جماعات منظمة، تعيش خارج التجمعات المدنية بعيداً عن الحواضر الكبرى، ولا تتواصل مع أجهزة الدولة ومظاهر المدنية إلا في أضيق الحدود.. وتسود بين أفرادها مرارةٌ شديدة وعداءٌ مقيت للدولة.
في الأزمة السياسية التي تعصف بالولايات المتحدة، هذه الأيام، بسبب فترة حكم الرئيس السابق دونالد ترمب ورفضه الاعتراف بهزيمته في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وتحريضه لمؤيديه الهجوم على الكونجرس لمنع تصديق مجلس الشيوخ على نتيجة تلك الانتخابات، مما تسبب في أحداثٍ دامية تُوجت باقتحام مبنى الكابيتول في السادس من يناير ٢٠٢١.
مجدداً تعالت أصوات مؤيدي الرئيس ترمب، بعد دخول عناصر من المباحث الفيدرالية (FBI) أحد قصور الرئيس ترمب في بالم بيتش فلوريدا، ضد قوى إنفاذ القانون وعناصر الأمن الوطني والنيابة العامة والقضاء، زاعمين أن تلك المؤسسات والرموز للدولة أضحت مجرد زُمر فاشية، كأجهزة القمع النازية (الجستابو). لم يتوقف الأمرُ عند هذا الخطاب الحاد ضد أجهزة إنفاذ القانون، والمطالبة بوقف تمويل أجهزة الأمن الفيدرالية، بل تجاوز إلى استهداف مؤسسات الأمن وعناصره والتهديد، باستخدام العنف، للانتقام منهم علناً.
ما يحدث، هذه الأيام، في الولايات المتحدة من اجتراءٍ على القانون واستخفافٍ بهيبة الدولة، خروج مناهضي الدولة من مرحلة الخطاب السياسي الحاد، إلى التحريض المكشوف على مؤسسات الدولة ورموز أجهزة إنفاذ القانون، لهو أمرٌ يثير القلق، ومؤشرٌ خطيرٌ لعدم استقرارٍ.
إطاعة القانون، قناعةً أو كَرهاً، من علامات استقرار المجتمعات. طاعة القانون هذه تعد سلوكاً يعكس أهم مواصفات الدولة القومية الحديثة. هذه المكانة الرفيعة للقانون، في المجتمعات الحديثة، هي الضمانة الحقيقية للحرية.. وصيانة الحقوق.. وتحقيق العدالة، وسيادة السلام الاجتماعي، بشرط توفر آليات فعالة لضمان عدم تجاوز أجهزة سن القانون وإنفاذه، مخالفةً للقانون، نفسه.